ابني -عليه بعض الديون- هل هو أولى بالصدقة من غيره؟

الفتوى رقم: 235: السؤال: أتصدق على بعض الأشخاص، فقال لي ابني البالغ إنه أَوْلى من غير بها، مع العلم أنه يعمل، لكن عليه بعض الديون؟

الجواب، وبالله تعالى التوفيق:

لا مانع من التصدُّق صدقة التطوع على الابن، بل هي مستحبة وأكثر أجرًا من الصدقة على الأجنبي، خاصة وأنه غارم.
فقد روى البخاريُّ في صحيحه، عن معن بن يزيد السلمي رضي الله عنه، قال: “كان أبي يزيدُ أخرج دنانير يتصدَّق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن.” قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في “فتح الباري شرح صحيح البخاري”: كأنه كان لا يرى الصدقة على الولد تجزئ، أو يرى أن الصدقة على الأجنبي أفضل، فبيَّن له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن له ما نوى؛ لأنه كان ينوي أن يتصدق بها على محتاج، وابنه يحتاج إليها، فوقعَتْ مَوْقِعَها، وإن كان لم يخطر بباله أنه يأخذها، وبيَّن لابنه أن له ما أخذ لأنه أخذه بحقِّه محتاجًا إليه”. اهـ.

قال الإمام النوويُّ رحمه الله في شرح صحيح مسلم: (باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدَين ولو كانوا مشركَين) ثم ذكر حديث أبي طلحة الأنصاري. وفيه: “وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالي إِلَيَّ بَيْرَحَى وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا وَإِنّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا في الأَقْرَبِينَ». فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أَقَارِبِهِ وَبَني عَمِّهِ.” قال الإمام النوويُّ رحمه الله: وفي هذا الحديث من الفوائد أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين. انتهى.

وقال الإمام النوويُّ رحمه الله في كتابه: “المجموع “(6/236): “أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَجَانِبِ، وَالْأَحَادِيثُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْقَرِيبِ، وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَرِيبُ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوْ غَيْرُهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ: دَفْعُهَا إلَى قَرِيبٍ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَفْضَلُ مِنْ دَفْعِهَا إلَى الْأَجْنَبِيِّ”. انتهى. وقال الإمام عبد المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة” قال: “(الصدقة على المسكين) الأجنبي (صدقة) فقط (وهي على ذي الرحم اثنتان) أي صدقتان اثنتان (صدقة وصلة) فهي عليه أفضل لاجتماع الشيئين، ففيه حث على الصدقة على الأقارب وتقديمهم على الأباعد، لكن هذا غالبيٌّ وقد يقتضي الحالُ العكس، ولهذا قال ابن حجر عقب الخبر: لا يلزم من ذلك أن يكون هبة ذي الرحم أفضل مطلقًا؛ لاحتمال كون المسكين محتاجًا ونفعه بذلك متعدِّيًا والآخر بعكسه.” انتهى.

بناء عليه: فإنه يجوز التصدق على الابن المحتاج، بل لك بذلك أجران.

والله تعالى أعلم.

اترك ردًا

رجاء أدخل الأرقام الظاهرة للتأكد من أنك لست روبوت *